حزب الدعوة الاسلامية
في الميزان -------حزب الدعوة
حسن يونش العقابي - تاريخ النشر : 2022-02-15 13:57:25
حزب الدعوة الإسلامي أحد الاحزاب الدينية ذو صبغة شيعية في العراق , أسسه اية الله العظمى محمد باقر الصدر في عام 1957 لانصار المشروع الإسلامي , وقد عانى الحزب من اضطهاد ومعاناة قاسية جداً , حتى أصبحوا ضحية الظروف المحيطة بالعراق بعد الثورة الإسلامية في ايران , , تشظى الى عدة تنظيمات تحت مسميات وعناوين مختلفة في ما بعد واصبح الحزب عائم بدون قيادة مركزية , بعد تصفية اغلب قيادته من قبل النظام البعثي في السبعينيات القرن المنصرم ,مما أدى إلى تشرذم الحزب الى عدة جهات من بينها , جناح العسكري (الجهادي) الذي تشكل عام 1979 في سورية , وبعد أن بدأت الحرب العراقية الإيرانية خرج لنا المجلس الأعلى ومنه تفرع تنظم بدر المسلح ضد النظام الدكتاتوري , ومن ثم انشق حزب الدعوة تنظم العراق عام 1998 في جمهورية ايران الإسلامية , وبعد سقوط النظام البعثي عام 2003 , تمكن حزب الدعوة في ما بعد من استلام السلطة في العراق وانتظر العراقيون من بعد تلك المعاناة الكثير , من رجال انقياء لطالما كانوا يتكلمون بالفضيلة , لكن الرياح سارت في اتجاه آخر بما لا تشتهي السفن , ولأن التجربة هي خير وسيلة لمعرفة حقيقة الأقوال والأفعال تهاوى مشروع حزب الدعوة , بين النظرية والتطبيق لذا اخفق أتباع حزب الدعوة في ما بعد تحقيق أي من أطروحاته إن كانت فكرية او اقتصادية او سياسية ولم يستطع ان يواكب هذه التغييرات مما ادى الى سوء ادارة الدولة , لعدم وجود منظر كبير يدعم هذا الحزب العريق ويجدد تكتله ولا يوجد ايضاً أشخاص أكفاء في ادارة لعبة السياسة امام الارادة الدولية والشعبية , ان تكون صالح وطيب لا يكفي , بل عليك ان تكون ناجح في خدمة المجتمع اولاً , وان تكون تملك المراوغة الدبلوماسية المحنكة لاحتواء الخصوم السياسيين , ومع الاسف ايضاً لم يجدد الحزب في صفوفه بدماء شبابية جديدة خوفاً من أن يتسلقوا الى مراكز القرار ومن ثم المشاركة في المغانم السلطوية في الدولة الجديدة , لم يقرؤ التاريخ بالشكل الصحيح أنما كانوا يدورون في فلك منهج حركة إخوان المسلمين , فأنتج لنا هذه الضياع السياسي والاقتصادي والمجتمعي , إن خطوات بناء الدولة تنبعث من التخطيط الصحيح والرؤية لبرنامج حقيقي , كان الواقع أموال طائلة بيد حفنة لا تدرك معنى البناء والتطور , الذي يجب ان يعتمد على خطة خمسية لمعرفة البوصلة اين تتجه ورصد معايير الخلل في التقدم العلمي والفني في مسيرة النهوض في إدارة الدولة , لذا يتحمل حزب الدعوة مسؤولية هذا التخبط , خصوصاً هفوات رجالات الخط الاول , والمشكلة تكمن هنا عندما تفتقر الى الرأي الصحيح وتستعين بقدرتك على التضليل والخداع من اجل السلطة , وهذا بالطبع يعتبر إرهاب من العيار الثقيل لان السياسي الفاسد يدمر البلد , مثلاً وزير التجارة فلاح السوداني زعزع ثقة الموطن العراقي بحزب الدعوة من منطلق "حامية حرامية " من خلال تكليفه بحماية قوت الشعب و القيادي الحلي الأخر من السجناءالسياسيين يوبخ مجموعة من السجناء السياسيين معترضين عليه : (انتم ليس لكم جهاد حقيقي في الحزب وإنما فرضكم علينا النظام السابق) هذا التسقيط وعدم فهم موضوع العمل السياسي يؤكد لنا ضعف وهشاشة القيادة المركزية للحزب , ومثال أخر من القياديين خضير الخزاعي عندما يقول : "جبرنا على الديمقراطية " وموقفه الحاد جداً من عدم ترشيحه نائب رئيس الجمهورية يحاكي المثل الشعبي : " لو العب لو أخرب الملعب " ورضخ الحزب لتهديده وهي نكسة ثانية بعد نكسة فلاح السوداني ولا ننسى كلمة ممثل ورئيس الحزب عندما قال : " ما ننطيها " أي السلطة وهذه خطا كبير , لان السياسة علم وفن مستقل بذاته لتدبير شؤون الناس فلا يحق لأحد ان يكون رأيه فوق إرادة الجميع , مشكلة الإخوة في حزب الدعوة انهم لم يفرقوا بين الدين والسياسة لقد ظلوا متمسكين بالتاريخ أكثر من الحاضر وكانوا على الدوام يعتقدون بان أسس بناء الدولة هي إلهية محضة وخير دليل في ذلك الأخوين (العلاق) الذين ساهموا في إدارة الدولة الفاسدة , وهكذا ظلوا يفضلون الدعاء على العمل من اجل الخير علما ان أسس جميع الدول هي بشرية فمن خلال العلم يتكون الاقتصاد والتنمية والتطور ونظرة حزب الدعوة كانت قاصرة جداً في فهم الحقيقة الموضوعية , بل كان منهجهم عبارة عن خلط بين الديني والسياسي , لهذا حصل اضطراب في المشهد السياسي في إدارة البلد واوجد حالة من التذمر العميق من الدين وخصوصاً من الاحزاب الدينية فلا هم رجال دين ولا هم سياسيين يجب فرز من هو سياسي ومن هو ديني لان هذه الخلط انتج لنا خراباً ودماراً وفساداً وبطالة , نحن لا نحمل حزب الدعوة وحده نتيجة هذا الخراب وسرقة أموال اليتامى والمساكين والأرامل وكل المحتاجين , كانت معهم الطبقة السياسية الأخرى ولكن نحمله المسؤولية الكبيرة وهذا الإخفاق والفشل يتحملونه هم بالدرجة الأولى , كان للحزب خصوم عملوا ما بوسعهم من أجل تدمير مشاريعهم , كما ان بعض البلدان المجاورة وضعت لهم العراقيل لكنهم بالمجمل يتحملون المسؤولية , لان الحزب هو عبارة عن أهداف وخدمات من يعجز عن ذلك يتنحى جانبا ويدع الأخرين يعملون خدمة لصالح العام , بدل أن تتشبث بالسلطة كي تجرب مرة أخرى بدون برنامج حقيقي من اجل المستقبل ولا ننسى إن حزب الدعوة له دور بتغيب النخب الثقافية والعلمية والاقتصادية ولم توليهم أي اهمية في بناء الدولة وكانت المحسوبية لها دور في تدمير سمعة هذا الحزب بعد استلام السلطة ظلوا يجلسون في قصورهم , كأنما مهام العمل الجهادي انتهى وبدء عمل استثمره وكانت النتيجة ان أصبح الحزب عبارة عن مستثمر , يؤد أن يستثمار السلطة التي نزلت له من السماء بواسطة المحتل وهكذا أصبح المال العام حقه في التعويض عن نضاله واضطهاده وكانوا يشاهدون الشعب يغرق ولم يمدوا له يد العون وقارب النجاة .
المصدر: بقلم / حسن يونس العقابي